سم الله الرحمن الرحيم
يبدأ المسلم بغسل فمه ويديه لتنظيفها من آثار العمل والتلوث مما مسّتا من مصادر العدوى وقاية من الأمراض التي تحدث العدوى بها عن طريق الهضم كالتيفود والكوليرا ثم يبدأ ببسم الله وإذا أنساه الشيطان في البداية فليسم عندما يتذكر حتى ولو كان انتهى من الطعام فليسم في آخره فقد قال صلى الله عليه وسلم {إذا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْـيَذْكُرِ اسمَ اللَّهِ تَعالـى فـي أوَّلِه، فإنْ نَسِيَ أنْ يَذْكُرَ اسمَ اللَّهِ تعالـى فـي أوَّلِهِ فَلْـيَقُلْ: بِسمِ اللَّهِ أوَّلَهُ وآخِرَهُ}[1]
وقال صلى الله عليه وسلم { إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ}[2]
وبعد أن يسمى الله يأكل بيمينه ويأكل بثلاث أصابع الإصبع الكبير والسبابة والإصبع الوسطى وقد قال الإمام الشافعي من أكل بإصبع واحدة فهو من المتجبّرين ومن أكل بإصبعين فهو من المتكبّرين ومن أكل بثلاث أصابع فهو من خيار المتّبعين لسيد الأولين والآخرين ومن زاد على ثلاث فهو من الشرهين
فيأكل بثلاث أصابع ويصغر اللقمة ويمضغها جيدا ولا مانع من استخدام اليدين معا للمعاونة في إصلاح الطعام ويأكل مما يليه إذا كان طعاماً عادياً فإذا كانت فاكهة يتخير مما يرى ومما أمامه لأن الطعام العادي كله سواء لكن الفاكهة ليست سواء فيتخير ما يروقه لقول الله {وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} الواقعة20
على أن يراعى في أكل الفاكهة أن يأخذ وترا واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة وأن يكون أكله بثلاث ألاّ يضع النوى في نفس الطبق الذي يأكل فيه الفاكهة بل يضع النّوى في طبق آخر غير الذي فيه الفاكهة لأن تلك سنة رسولكم الكريم صلوات الله وسلامة عليه فإذا كان الطعام حاراً (ساخناً) فهدينا فيه هو قول سيد الأولين الآخرين {لا تأكلوا الطعام حاراً ولا تنفخوا فيه}[3]
فلو أكلناه حارا فإنه يتعب صدورنا ويتعب رئتنا وأمزجتنا ولو نفخنا فيه فإن هواء الزفير الخارج من أفواهنا وكله كما تعلون جراثيم وميكروبات ستحل بالطعام وتلوث الطعام ولذا نهانا نبي الإسلام أن ننفخ في الطعام أو نأكله وهو حار بل نتركه حتى يبرد لأن تلك من سنة الله وتلك الحكمة العلمية والصحية التي علمها لنا الله في هذه الحالة
فإذا كنا نأكل يأمرنا نبي الإسلام بألا نأكل صامتين بل نتكلم على أن يكون الحديث في غير مأثم كغيبة أو نميمة لأنه يحلو عند الطعام بين الزوجة وزوجها إلا الحديث عن فلانة وفلانة وماذا صنعت؟ وماذا عملت؟ فقد ورد في الأثر {تحدثوا على طعامكم ولو بثمن أسلحتكم}
ولأن الحديث يجعل للإنسان الفرصة لأن يمضغ الطعام برفق وأن يبتلعه بتؤده فلا يصاب بغصة ولا يصاب بشيء يحبس الطعام لأنه يأكل بأناه لكن عليه أن يراعى أن يكون الحديث في شيء من دين الله أو في قصص عن أصحاب رسول الله أو في شيء من سيرة الصالحين من عباد الله حتى يكون الحديث فيه أجر وفيه ثواب لهم عند الله
فإذا جلسوا وكانوا مجتمعين يعلّم الصغار ألا يبدءوا بطعام إلا إذا بدأ الكبير أي الكبير في السن أو الكبير في المقام يبدأ هو أولا ثم يأكل الجميع
فقد جلس صلى الله عليه وسلم وجاءت امرأة مسرعة تريد أن تضع يدها في الطعام فأمسك بها ومنعها ثم جاء رجل مسرع ويريد أن يضع يده في الطعام فأمسك به ومنعه وقال: إن هذه أرسلها الشيطان ليستحل الطعام قبل أن نسمى الله فأمسكت بيدها ومنعتها فجاء بهذا ليستحل به الطعام قبل أن نسمى الله فأمسكت بيده ومنعته ثم قال بسم الله كلوا على بركة الله فعلينا أن نعلم صغارنا ذلك
وعلى الكبير أيضا مقابل ذلك ألا يتركهم فترة طويلة والطعام أمامهم وهم صغار لا يتحملون بل يسرع في الإذن لهم بالطعام ولذلك نهى ديننا الحنيف أن يترك الرجل أولاده على مائدة الإفطار في رمضان جائعين ويقول لهم لا تأكلوا حتى أصلى المغرب وهم لا يستطيعون الصبر على ذلك
فهذا الصنيع ليس من دين الله بل إنك إما أن تأكل معهم وتؤجل صلاة المغرب وتلك سنة فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما أن تصلى المغرب أولا وتأذن لهم أن يأكلوا ولا ينتظرونك وفى كلتا الحالتين تكون قد حظيت بسنة سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه عليه
أيضا يدخل الرجل من العمل ويجد السفرة معدّة وأولاده جالسين ومتهيئين فيتركهم حتى يخلع ملابسه ويتوضأ ويصلى الظهر ويختم الصلاة ثم يأتي إلى الأكل بأناة وهم قد جعلهم طول الانتظار ضجرين فقد قال صلى الله عليه وسلم
{إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعِشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ}[4]
أي نبدأ بتناول الطعام مادامت المائدة قد مدّت حتى لا نصلى ونحن نفكر في الطعام وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر {لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ}[5]
كما أنه لا يجوز للزوجة أن تؤجل الصلاة حتى يدخل الزوج فيدخل متعبا ومتلهفا على الطعام فتفتح له الباب ثم تسارع إلى الوضوء وإذا حدثها تقول له تريد أن لا أصلى وهنا قد يقول لها لم جعلت الصلاة عند رجوعي؟ أو لمَ لمْ تصلِّ قبل مجيئي أو تؤجليها حتى انتهى من الطعام؟ فتلك مشاكل نصنعها بأنفسنا وهى من المتنطعين في دين الله
[1]رواه أبو داود والترمزى والحاكم عن عائشة رضى الله عنها [2] رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن جابر رضى الله عنه [3] رواه ابن عدىّ عن عائشة رضى الله عنها [4] متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضى الله عنها [5] أخرجه مسلم عن عائشة رضى الله عنها
مائدة المسلم بين الدين والعلم ط2
منقول من كتاب [مائدة المسلم بين الدين والعلم]
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
via منتديات كويتيات النسائية http://www.q8yat.com/t1149430.html
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire